طباعة مراعية للبيئة ونسق PDF

تقديم نسخة عام 1939 1

يعود تصنيف السحب الأول2 الذي نُشر إلى أوائل القرن التاسع عشر فقط وكان عمل Lamarck في عام (1802) ولم يضع هذا الأخصائي في الطبيعة تصنيفاً لجميع السحب الممكنة؛ فقد اكتفى بتمييز أشكالٍ معيّنة بدت له أنها ظاهرة من الظواهر العامة التي سيكون من المفيد التعرف عليها. ولكن هذا العمل لم يحظى بأي انطباع حتى في فرنسا رغم قيمته الفعلية، ولا يبدو أن التسميات التي أدرجها قد لاقت استخداماً من أحد. ويرجع هذا إلى اختياره لأسماء خاصة بالفرنسية نوعاً ما والتي لن يكن اعتمادها سهلاً في بلدان أخرى أو ربما قد فَقد البحث مصداقيته بحكم أنه نُشر في نفس المطبوع (Annuaire météorologique) على أنه تنبؤات مبنية على بيانات فلكية.

وبعد مرور سنة واحدة، نشر Luke Howard في إنجلترا تصنيفاً للسحب حقق، عكس الأول، نجاحاً كبيراً جداً وهو أساس للتصنيف القائم. فبينما تقيّد Lamarck بتحديد وتسمية عدد معين من أشكال مثيرة للاهتمام، وضع Howard تصنيفاً كاملاً يشمل جميع الحالات الممكنة. وميّز بين ثلاثة فئات أساسية بسيطة - السمحاق والركام والرهج - والتي تشتق منها جميع السحب الأخرى إما من خلال التحول وإما من خلال الانسجام. وهذا التصور غير صحيح في جملته، ففي حين يحتل السمحاق والركام مكانة متميزة في التصنيف، كون الأول يمثل أصفى نوع من السحب لأنه يتكون من بلورات الجليد في الطبقات العليا من الغلاف الجوي وكون الثاني سحاب مكوّن بشكل خاصمن الجسميات السائلة في الطبقات السفلى، فإن ما يسميه Howrad بالرهج لا يشكل نوعاً من نفس ترتيب السحابين السابقين. إذ إنه لا يُحدَّد من حيث الحالة الفيزيائية لعناصره ويمكن إيجاده في أي ارتفاع من الغلاف الجوي. ورغم ذلك، من الناحية العملية، فقد خلص Howard إلى حد بعيد إلى النتائج التي توصّل إليها Lamarck، إذ تظهر أربعة من الأنواع الخمسة التي حددها Lamarck بتسميات مختلفة في تصنيف Howard. والجدير بالملاحظة أن هذين الرجلين قد توصّلا بشكل مستقل إلى نتائج متوافقة رغم اختلاف ثقافتهما العلمية الكبير ورغم أنه لم يكن هناك أي اتصال بينهما.

وفي عام 1840، أضاف الألماني Kaemtz، الأخصائي في الأرصاد الجوية، سحاب الركام الرهجي إلى تصنيف Howard، مقدماً تعريفاً دقيقاً يتّفق مع الاستخدام الحديث.

وقدّم Renou، وهو مدير المراصد في حديقة Saint-Maur et Montsouris، في كتابة المعنون Instructions météorologiques (تعليمات في الأرصاد الجوية) الذي نُشر في عام 1855، تصنيفاً للسحب التي يمكن أن يُعزى لها أصل واضح من العديد من التسميات المستخدمة حالياً: السمحاق الركامي، والسمحاق الرهجي، والركام الأعلى، والرهج الأعلى. وكان هو أول من أدرج النوعين الأخيرين في "نشرة المرصد Montsouris"، وسرعان ما تتبع خطاه مرصد أوبسالا. وبالتالي، فقد أدرج السحب المتوسطة الارتفاع التي تقع بين سحب الطبقات الدنيا من الغلاف الجوي والسحب التي تشملها مجموعة السمحاق، كما بدأ بتطوير الفكرة التي أسفرت عن اعتماد الارتفاع كمعيار والذي وضعه لاحقاً Hildebrandsson. ويعود إليه أيضاً التمييز الدقيق بين السحب المتقطعة أو المتواصلة على مستويات مختلفة.

وفي عام 1863 أطلق، Poey، الذي أجرى عمليات الرصد في هافانا، بعض الأفكار التي لم تحظى بالاهتمام بقدر ما كانت تستحقه، أولاً لأن الجيد والسيئ كان يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بهذه الأفكار، وأيضاً لأنه وضع تصنيف لجميع الأنواع، دون أي إشارة على الإطلاق إلى الخطوط الرئيسية التي وضعها Howard والتي كانت تنشأ على نحو بطيء لكن بثبات من المحاولات التي تتالت في أوروبا. ورغم ذلك، لا بد الإشارة إلى أن الفضل يعود إليه في تعريف الركام المتقطع، وتندرج تحت المتقطع أنواع إشعاعية والأنواع الثديية، وعلى وجه الخصوص، فقد وصف بوضوح السماء المركزية المنخفضة بالتمييز بين طبقيتين، تكون إحداهما فوق الأخرى، وهي صفيحة الركام الأعلى (تحت اسم Pallio-cirrus أي السمحاق الممتد) وطبقة الرهج المتقطع أو الركام المتقطع (تحت اسم Pallio-Cumulus أي الركام الممتد).

وفي عام 1879، كان Hildebrandsson، مدير مرصد أوبسالا أول من استخدم التصوير الفوتوغرافي في دراسة أشكال السحب وتصنيفها. وفي عمله المعنون "Sur la classification des nuages employée à l'Obseravatoire d'Upssala" بشأن تصنيف السحب المتبع في مرصد أوبسالا، أدرج 16 صورة فوتوغرافية. والتصنيف المعتمد كان تصنيف Howard مع بضع التعديلات. وشملت هذه التغييرات بالأخص المزن، الذي لم يكن مرتبطاً بأي مجمّع سحاب ممطر (وبصفة خاصة إلى المزن الركامي)، وكان مرتبطاً فقط بالطبقة الداكنة الدنيا من سماء ممطرة، وكان الرهج مخصصاً للضباب المتأتي من الأرض والباقي على مسافة من الأرض، والركام الرهجي كان مرتبطاً، حسب مثال Kaemtz، بالكتل الثقيلة المدكسة لسحاب ركامي؛ وبالاستناد إلى Kaemtz، اعتمد Hildebrandsson الركام الرهجي. وفي العمل الأول الذي قام به Hildebrandsson، وضع في الاعتبار رغبته في اعتماد خطة Howard وفي نفس الوقت الأعمال التي أجريت لاحقاً.

وبعد فترة وجيزة، اقترح ويلباخ (Weilbach)، وRitter، تصنيفاً يبتعد كل البعد عن تصنيف Howard (الذي لقي في الأساس قبول العموم فعلاً) لتكون لديهما فرصة تحقيق نجاح، كما حدث في وقت لاحق بالنسبة لكل من Maze، وClayton، وClement Ley. ولكن الفضل يعود إلى هؤلاء المؤلفين لتعريفاتهم المهمة للأصناف (التقسيمات الفرعية للأجناس) أو الأنواع (جوانب معيّنة يجب رصدها في مختلف الارتفاعات)، كما يعود الفضل إلى Weilbach على تقديم مصطلح المزن الركامي أو السحاب الرعدي، اللذين يتميزا بوضوح عن السحاب الركامي حتى إذا كان "مركباً".

وأخيرا، نشر Hildebrandsson، وAbercromby في عام 1887، تصنيفاً للسحب سعوا من خلاله إلى التوفيق بين ما هو قائم من تصنيفات، مع الحفاظ على مخطط Howard، كما سعوا إلى إدراج النتائج المتوصل إليها لاحقاً، لاسيما التي خلص إليها Renou (تقديم الركام الأعلى، والرهج الأعلى، والتمييز في كل مرحلة بين الأشكال المتقطعة والممتدة) وWeilbach (تقديم المزن الركامي، وتخصيص السحاب الركامي والسحب الرعدية لفئة منفصلة). أما Abercromby فقد قام سابقاً برحلتين حول العالم (ما يعطي مثالاً جيّداً على المصداقية العلمية) بهدف التأكد من أن أشكال السحب هي نفسها في جميع الأماكن ومع ذلك، فإنها حقيقة فقط كتقدير أولي. وإحدى الخصائص الرئيسية لهذا التصنيف هي الأهمية التي تولى للارتفاع كونه معياراً، فحسب وجه نظر المؤلفين فإن التطبيق الأهم في رصد السحب هو تحديد اتجاه الرياح على ارتفاعات مختلفة. وصنّفوا السحب في أربعة مستويات، ووضعوا مؤقتاً متوسط ارتفاعها من القياسات التي أجريت في السويد. أما التصنيف الدولي للسحب فقد كانت ثمرة تصنيف كل من Hildebrandsson وAbercromby دون أن تُدخل عليها تعديلات كبيرة.

و أوصى المؤتمر الدولي للأرصاد الجوية، الذي عُقد في عام 1891 في ميونيخ، صراحة باعتماد تصنيف هؤلاء المؤلفين، كما وافق على تعيين لجنة خاصة يٌعهد إليها النظر بصورة نهائية في هذا التصنيف ونشره مصحوباً برسوم توضيحية في شكل أطلس. واجتمعت اللجنة في أوبسالا، في آب/ أغسطس عام 1894، وشرعت في اختيار الرسوم التوضيحية التي من شأنها أن تُستنسخ. ومراعاة لهذا الهدف، نُظّم معرض لما يزيد عن ثلاثة مئة صورة فوتوغرافية أو رسوم للسحب. وقد واجهت اللجنة المعنية بالمطبوع، المؤلفة من Hildebrandsson وRiggenbach وTeisserenc de Bort، صعوبات كبيرة من الناحية الفنية والمالية على وجه الخصوص. وفي الأخير، أخذ Teisserenc de Bort على عاتقه مسؤولية إعداد الأطلس الذي نشر في عام (1896). وقد تضمن هذا العمل 28 لوحة ملونة مرفقة بنص ثلاثي اللغة (الفرنسية والألمانية والإنكليزية) يعطي تعاريف وأوصاف السحب مع تعليمات بشأن رصدها.

وسرعان ما أصبح التصنيف المنصوص عليه في الأطلس الدولي رسمياًّ ودخل حيّر الاستخدام العام في جميع البلدان تقريباً. وغالبية الأخصائيين في الأرصاد الجوية الذين نشروا لاحقاً دراسات بشأن السحب قد اعتمدوا تسميات الأطلس؛ ولكن في كثير من الأحيان، كان يتبين أن هذه الدراسات يشوبها نقص في التفاصيل؛ ومن ثم فإن عدداً من الأخصائيين في الأرصاد الجوية، لا سيما Clayden، وVincent، قد وضعوا أنواعاً أو أصنافاً جديدة دون التداخل مع الأشكال الأولية.

وهكذا، وبفضل الجهود المتواصلة، بداية من Howard، ومروراً بـكل من Renou ومن ثم Hildebrandsson، ووصولاً إلى لجنة الأرصاد الجوية الدولية، تم وضع حد للبس الذي كان يسود منذ ما يقارب القرن في أحد المجالات الأكثر أهمية في مجال الأرصاد الجوية. وشكّل الأطلس الدولي الأول تقدماً كبيراً من خلال إجراء عمليات رصد حول العالم يمكن مقارنتها بالفعل ببعضها البعض.

واستنفدت طبعة عام 1910، التي تضمنت تعديلات طفيفة فحسب، لسنوات عديدة حتى أنشئت اللجنة الدولية المعنية بدراسة السحب في لندن عام 1921. وباشر الرئيس السيد Napier Shaw بإعادة النظر في التصنيف وأضاف إلى المناقشة مذكرة تتضمن أفكاراً شخصية، وطلب من الأعضاء كافة تقديم اقتراحات؛ وقد تنامت هذه الدراسة بسرعة فائقة حتى أن في عام 1925، رأى خليفة السيد Napier Shaw أنه من الضروري أن ينصبّ تركيز جميع أنشطة اللجنة على مشكلة تنقيح الأطلس الدولي.

وأصبحت هذه المهمة ضرورية لأسباب عدة: أولاً وقبل كل شيء كان هناك سبب عملي جداً ألا وهو الحاجة الملحة إلى تزويد أخصائيي الرصد بالأطالس الجديدة توخياً لتردي جودة عمليات الرصد وظهور تفسيرات متباينة مرة أخرى. ولكن، بالإضافة إلى هذا السبب العملي، كانت هناك أيضاً أسباب أخرى أعمق، فالعمل الذي أُنجز في عام 1896 لم يكن مثالياً، حتى وإن كان عملاً متميّزاً في ذلك الوقت. ومن ناحية توحيد الرصدات، وهي نقطة فريدة ولكن مهمة، فإن تجربة الثلاثين عاماً قد كشفت العديد من الفجوات وحالات عدم الدقة، وهو ما أدى إلى تعارض الممارسات في البلدان المختلفة فيما يتعلق ببعض المسائل. وعلاوة على ذلك، فإن مجال الأرصاد الجوية شهد تطوراً كبيراً، خصوصاً أن مجال الطيران قد أصبح مجالاً عاماً. وعندما نشر Teisserenc de Bort وHildebrandsson أول أطلس، كانت المشكلة الرئيسية هي الدوران العام في الغلاف الجوي، ودرسا السحب في المقام الأول على أنها شيء يطفو في الجو بإمكانه أن يكشف عن التيارات العلوية، وكانا يسعيان إلى وضع تصنيف من شأنه أن يحدد أنواع السحب المختلفة وما يتوافق معها من ارتفاع قدر الإمكان. ولكن، منذ تلك الفترة، أصبح أخصائيو الرصد يهتمون على نحو متزايد بالسحب كما هي. وبفضل تضاعف الرصدات بشأن السحب وتزايد البيانات المدرجة ضمن الرسائل السينوبتية – التي حظيت بالاعتراف الواجب في نظام الشفرات الدولي الجديد، كوبنهاغن - 1929، فقد أتحات توزيع الدراسات السينوبتية المباشرة ومهدت الطريق لفكرة "السماء" و"نظام السحب"، والتي اتضحت قيمتها بوضوح من خلال "الأسبوع الدولي للسحب" الذي نظمته اللجنة المعنية بدراسة السحب في عام 1923.

وكشفت عمليات الرصد التي أُجريت من الطائرات عن جوانب للسحب لم تكن معروفة من قبل، حتى أنها أصبحت معروفة بشكل أدق وأشمل؛ وأخيراً، فإن النظريات الجديدة التي القائمة على التفسير الديناميكي الهيدرولوجي والديناميكي الحراري للسبر، قد حددت ماهيتها من الناحية الفيزيائية ودورها في الاضطرابات الجوية. وكان لابد من الاعتراف الكامل بهذه الآراء الجديدة والمثيرة للاهتمام.

وعندما اجتمعت اللجنة المعنية بدراسة السحب في باريس عام 1926 لتنظر في نتائج التحقيق الواسع الذي كانت قد أطلقته، ولتضع أسس الأطلس الجديد، وجدت نفسها أمام مؤلفات وفيرة واقتراحات جدّ متنوعة. وبحكمة بالغة، اعتمدت مبدأ توخي الدقة والحذر عند النظر في تصنيف للسحب كان مجرى الاختبار لمدة سنوات واتفق بشأنه الأسلاف بالإجماع. وقررت اللجنة ألاّ تُدخل سوى تعديلات ضرورية لتبديد سوء الفهم وزيادة توحيد عمليات الرصد، وفي نفس الوقت مع ذلك، الحد من التركيز على الارتفاع كأساس لتصنيف للسحب.

ومع الإقرار بضرورة تمهيد الطريق لوضع تصنيف ثان، راعت اللجنة الحرص على عدم المساس بتصنيفها أو تقسيم الفئات الرئيسية التي سميت لاحقاً "الأجناس" تقسيماً مفرطاً؛ ووضعت قاعدة فقط لإضافة "الأصناف" التي كانت مقبولة عموماً من طرف الجميع، تاركة الطريق مفتوحاً لإضافات تقدُّمية في المستقبل. وبالتالي، بعد ما برهنت اللجنة المعنية بدراسة السحب على إيلائها الحرص وروح المحافظة وأمّنت على العمل المنجز في عام 1896، شرعت من ناحية أخرى، في إضفاء الرضا العملي على روح العمل الجديدة. وبما أن اللجنة قد اعتبرت منذ البداية أنه من السابق لأوانه محاولة تصنيف السحب على أساس الخصائص الفيزيائية – وتركت الدراسة بشأن هذه المسألة إلى حين بلوغ عام دولي جديد للسحب (المتفق تنظيمه لهذا الغرض وبالتزامن مع السنة القطبية 1933 - 1932) - فقد التزمت بهذا الموقف ورفضت الاعتماد على أي نظرية، حتى وإن كانت تبدو جذّابة. ومع ذلك، قررت تسجيل المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق عمليات الرصد في السماء أو من خلال الرسوم البيانية والخرائط، وهكذا، قررت تقديم ما يلي:

(1) فصل بشأن رصد السحب من الطائرات، أسهت فيه مساهمة كبيرة خبرة السيد C.K.M Douglas، وهو طيار وكذلك أخصائي في الأرصاد الجوية؛

(2) تصنيف "لأنواع السماوات" استناداً إلى بنيات السحب في المنخفضات، التي وضعت في عمل المدارس النرويجية والفرنسية؛ بهدف تأكيد أهمية هذا الابتكار، ومن ثم تم تغيير عنوان الأطلس إلى "الأطلس الدولي للسحب وأنواع السماوات".

واجتمعت اللجنة المعنية بدراسة السحب مرة ثانية في زيوريخ في سبتمبر 1926 لاتخاذ الترتيبات اللازمة لمشروع الأطلس. وفي الوقت نفسه، تم تجميع مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية للسحب، والسماوات، والمناظر الجوية – استنسخت أساساً من مجموعات Messers. Cave، وClarke وQuénisset وConcepcio RabelFundacio – لتقديم مجموعة وفيرة من الرسومات البيانية من أجل الأطلس.

ومن أجل أن يخضع مشروع اللجنة إلى لنقد أوسع قبل إعداد الأطلس النهائي، قرر مدير المكتب الوطني للأرصاد الجوية الفرنسي إصدار مشروع اللجنة في شكل "أطلس مؤقت" وذلك على حساب المكتب. وأوفى التوزيع الواسع لهذا الأطلس بالغرض تماماً؛ فقد تتالت الملاحظات والاقتراحات من جميع أنحاء العالم. واستعرضت اللجنة هذا الكم من الوثائق في برشلونة عام 1929 وصنفتها بعناية كبيرة. كما استعرضت أيضاً الرسوم البيانية للأطلس بعناية دقيقة، وكانت مهمة اللجنة في هذا الصدد يسيرة إلى حد كبير بفضل المعرض الرائع للصور الفوتوغرافية للسحب والذي نظمته مؤسسة Fundacio Concepcio Rabel خلال فترة الاجتماع.

واجتمعت اللجنة المعنية بدراسة السحب مرة أخرى في كوبنهاغن في أيلول/ سبتمبر 1929، في فترة انعقاد مؤتمر المديرين. وتم النظر في الاقتراحات الواردة منذ الاجتماع الذي عقد في برشلونة، واتُفق على الخطة النهائية باستثناء بعض التفاصيل. واقتُرح إعداد وثيقة مستخرجة من الأطلس الكامل للاستخدام من طرف أخصائيي الرصد ونشرها بسرعة من أجل تسهيل تطبيق نظام الشفرات الدولي الجديد، الذي يبرز إلى حد كبير عمليات رصد أنواع السماوات.

ويمكن الحديث عن مسألة النشر التي جرت في ظروف مواتية للغاية، وذلك بفضل الهدية القيّمة جداً المقدمة من الكفيل الكتالوني Rafael Patxot، والذي كان صاحب عدة دراسات في علوم السحب في مؤسسة Fundacio Concepcio Rabel؛ ومكنت هذه المساهمة السخية من طباعة 1000 نسخة مجانية من الأطلس الكامل، وكذلك طباعة النسخة الموجزة وبيعها بسعر ضئيل جداً. وأُنشئت لجنة فرعية، ترأسها البروفيسور Süring، لإعداد برنامج "سنة السحب" ولدراسة العمليات الفيزيائية لتكون السحب وتطورها بهدف إعداد تذييل للأطلس العام في نهاية المطاف. واقترح تذييلان آخران، يُعنى أولهما بالسحب الاستوائية، والآخر بالتدريبات المحلية الخاصة، وعُهد تحضير هذين الجزئيين إلى الدكتور Braak والدكتور Bergeron على التوالي. ووافق مؤتمر المديرين على مقترحات اللجنة في مجملها وفوض سلطاته، فيما يخص إعداد الأطلس، إلى لجنة فرعية خاصة.

واضطُلِع بالعمل بشكل كبير في باريس خلال عام 1930، وكان يقوده كل من Messrs. Süring، وBergeron، وWehrlé. وأعد كل من الدكتور Keil والسيد Cave ومكتب الأرصاد الجوية، في لندن، الترجمة باللغتين الألمانية والإنكليزية. ونُشرت الطبعة الموجزة أخيراً في عام (1930) قبل دخول نظام الشفرات الجديد حيز النفاذ. ولزمت سنة أخرى لإنهاء الرسوم التوضيحية للأطلس الكامل والفصول التي لم تكن ضمن الطبعة الموجزة. وفي الوقت نفسه، كانت اللجنة الفرعية التي يرأسها Süring قد عقدت اجتماعات في بروكسل (كانون الأول/ ديسمبر، 1930) وفي فرانكفورت (كانون الأول/ ديسمبر، 1931)، وبدا من المناسب أن يدرج في الأطلس الكامل جزء من العمل ذات الصلة برصد السحب والظواهر الجوية المائية.

وأصبح المطبوع يحمل العنوان الفرعي "المجلد الأول. الأطلس العام" (وسيتضمن المجلد الثاني وما عقبه التذييلات التي ستنشر لاحقاً) ويتضمن نصاً وما مجموعه 174 صورة.

وينقسم النص إلى خمسة أقسام:

(1) السحب – نص الأطلس القديم المنقح. ويتضمن التعديلات الرئيسية التالية:

(أ) تعريف السمحاق الركامي ليصبح أكثر تقييداً مما سبق؛

(ب) التمييز بين الركام والمزن الركامي؛ إذ يتميّز الثاني ببلورات الجليد في قمته أو بزخات المطر؛

(ج) التمييز بين الركام الأعلى والرهج الركامي؛

(د) إضافة الرهج المزني (الرهج الأعلى المنخفض) لتفادي الخلط (نظراً لتعريف المزن الذي يشوبه الغموض) بين الطبقة السفلية الممطرة التي تنجم عن التمديد النازل للرهج الأعلى والسحب المنخفضة جداً المتلاصقة تلاصقاً وثيقاً (الرهج المتقطع أو الركام المتقطع) والتي غالباً ما تتشكل أسفل الرهج الأعلى أو الطبقة السفلية المذكورة أعلاه.

وتم توسيع التعليقات المرفقة بالتعاريف لتصبح في شكل "ملاحظات تفسيرية"، كتبت من منظور عملي للغاية مع الإشارة بشكل خاص إلى احتياجات أخصائيي الرصد والتأكيد على التمييز بين أشكال السحب المتشابهة. وفي بعض الحالات، أُضيفت أصناف، ولكن كما ذُكر سابقاً يقتصر هذا التصنيف الثانوي عمداً على الحالات التي تحظى بالإجماع؛ وعلاوة على ذلك، فالنص مبسط للغاية من خلال إضافة عدد من الأصناف المشتركة لمختلف المستويات. وأخيراً، لإبراز حقيقة أن أسماء السحب لم تصبح إلاّ رموزاً، وأنه لا ينبغي التشديد على أصول التسميات على نحو غير ملائم، فقد أصبحت تُكتب في جميع الحالات في كلمة واحدة.

(2) نظام الرموز – يتضمن الجزء الثاني تعليقات عملية ومفصّلة لفائدة أخصائيي الرصد، كما يتضمن ملاحظات تفسيرية بشأن الترتيبات العامة وإرشادات لتفادي اللبس في مواصفات نظام الشفرات الجديد الخاص بالسحب المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة، وربما يكون من الأنسب تسميته "نظام شفرات أنواع السحب" بما أن ترتيب كتل السحب في السماء يؤدي دوراً أساسياً فيه، وإن هذا النظام قد وُضع على نحو يمكّن من وصف جميع أنواع السحب المصنفة في الجزء الخامس بالجمع بين ثلاث شفرات.

وكان يُعتقد أنه من الأفضل الامتناع عن إدخال أي اعتبارات "سينوبتية" في النص، بحكم أنه من المفترض أن يتجاهل أخصائي الرصد الوضع العام؛ ومع ذلك، لم يُحرم أخصائيو الرصد تماماً من العون الفعال الذي يجلبه ربط أنواع السحب مع تغيّر الاضطرابات. لذلك، يوجد في نهاية هذا القسم رسم تخطيطي شامل يبيّن موضع السماوات الدنيا والمتوسطة والعليا المنصوص عليها في نظام الشفرات بالنسبة لاضطراب ما.

(3) مجلة السحب – يتضمن هذا القسم، الذي استخرج من الأبحاث التي أعدتها اللجنة الفرعية برئاسة Süring بمناسبة "سنة السحب" والذي اقترح إدراجه الدكتور Bergeron، جدولاً نموذجياً لتدوين رصدات السحب وتعليمات مفصلة بشأن كيفية تدوين المدخلات. وتستكمل هذه التعليمات بوصف دقيق لمختلف الظواهر الجوية المائية أو ظواهر الطقس، وهو موضوع أدى إلى نشأة تقاليد وطنية متباينة والذي كان من الضروري تعديله وتوحيده.

(4) رصد السحب من الطائرات – باعتبار أن تصنيف السحب يستند إلى مظهرها من الأرض، بدى أنه من المفيد إضافة ملاحظة على مظهرها من وجهة نظر الراصد من متن الطائرة، نظراً لأن المعرفة الإضافية الكبيرة التي يمكن أن يكتسبها عند الاقتراب من السحب وعندما يكون فوقها (على الأقل بالنسبة للسحب المنخفضة والمتوسطة) تتيح إمكانية لتبسيط التصنيف إلى حد كبير وذلك بإدراج سوى الفروق الأساسية بالفعل في هياكل السحب. واستلزم إدراج هذا الفصل نظراً لزيادة عدد الرحلات الجوية خاصة فيما يتعلق بسبر درجات الحرارة.

(5) أنواع السماوات – لا يكفي تعداد أجناس السحب وأصنافها في السماء في لحظة معيّنة من وصف نوع السماء، أي من تحديد مجال الاضطرابات التي تؤثر على مكان الرصد تحديداً دقيقاً، وبالتالي، تحديد الأوصاف العامة "للطقس". فما يميّز حقاً نوع السماء هو مجموع السحب الفردية وتنظيمها. ولذلك هناك حاجة إلى تصنيف السماوات، تصنيفاً يجري بما يتوافق مع خبرة أخصائيي الرصد المؤهلين من جهة ويكون متّسقاً مع الطبيعة الفيزيائية للاضطرابات وهيكلها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التصنيف يسهّل تحديد أنواع السحب وفي حالات معيّنة (خاصة في ظل ظروف رعديّة) يعوّض على الأقل أجزاء من الغموض.

جمع الصور – يبلغ عدد الصور 174 (منها 101 صورة مأخوذة من سطح الأرض، و22 من الطائرات، و51 صورة لأنواع السماوات)، ومن بينها 31 صورة بلونين، إذ يستخدم اللونان للتمييز بين السماء الزرقاء وظلال السحب. وأٌدرجت معظم هذه الصور في الطبعة الموجزة الموجهة لفائدة أخصائيي الرصد الذين يحتاجون إلى توجيهات مفصّلة. وتُرفق كل صورة بملاحظات تفسيرية وتمثيل تخطيطي يحددان خصائص السحب الأساسية.

وبفضل سخاء السيد Cave الذي قدّم الكثير لعلوم السحب، صدر أصلاً التذييل المعني بالسحب الاستوائية، والذي قام بتعديله الدكتور Braak، باللغة الفرنسية تلبية لاحتياجات "السنة القطبية" ويشكل هذا التذييل المجلد الثاني من العمل الكامل. ونأمل في أن يصدر قريباً التذييل المعني بالسحب الخاصة والذي يشكل المجلد الثالث. وسوف يتضمن هذا التذييل بالأخص، صوراً جميلة للسحب الستراتوسفيرية بعدسة البروفيسور Störmer. وأخيراً، نأمل أيضاً أن تمكّن نتائج "سنة السحب" اللجنة الفرعية التي يترأسها Süring من إعداد مجلد رابع يُعنى بالعمليات الفيزيائية التي تنطوي على تشكيل السحب، وسوف يصنع هذا التذييل عهداً جديداً في تاريخ الأرصاد الجوية.

E. DELCAMBRE,

رئيس اللجنة الدولية

المعنية بدراسة السحب.


1 كان نص تقديم طبعة عام 1939 مطابقاً إلى حد كبير لطبعة عام 1932. والتعديلات التي أُدخلت على نص طبعة عام 1939 تشمل الاختصارات المنقحة لأشكال السحب، والتغييرات في شفرات السحب وفي رموز ووصف ظواهر الطقس المختلفة.

2 في هذه المذكر التاريخية الموجزة، استخدم الكثير من عمل Louis Besson’s المثير للاهتمام المعنون Apercu historique sur la classification des nuages - Memorial de lOfficie National Météorologique de France, No 2، باريس عام 1923

مشاركة الصفحة